معاهدة سلام مع فيروس كورونا

الحرب هذه الأيام ضد مخلوق ضعيف للغاية، ولا يستطيع الحياة بمفرده، ولكنه لا بد أن يعيش ويتكاثر داخل جسم حي.
العالم ينتظر بقلق غير طبيعي نتائج المفاوضات مع فيروس كورونا
كورونا يطلب أن تخصصوا له مكانا ملائما للحياة داخل الغابات والمحميات الطبيعية والتي يقوم الإنسان بتدميرها بشكل منتظم

البشرية كلها في حالة حرب لم تشهد لها مثيلا عبر تاريخ العالم القديم والحديث، التوتر والذعر الذي يحدث هذه الأيام تفوق على توتر أيام الحرب العالميتين الأولى والثانية. للمرة الأولى في تاريخ البشرية لا حديث لأي شخص حول العالم إلا عن فيروس كورونا، ولأول مرة في تاريخ البشرية يحبس معظم الناس أنفسهم داخل بيوتهم خوفا من الفيروس الذي لا يستطيعون رؤيته ولا يستطيع 99% من سكان الكرة الأرضية اختباره أو اكتشافه لعدم توفر أدوات اختباره بطريقة ميسرة.
البشر، ولأول مرة في التاريخ، في حالة حرب ليست ما بينهم كما كانت العادة دائما في الماضي، ولكن الحرب هذه الأيام ضد مخلوق ضعيف للغاية، ولا يستطيع الحياة بمفرده، ولكنه لا بد أن يعيش ويتكاثر داخل جسم حي.
وبما أننا في حالة حرب، فالقواعد تقول إنه في الحروب دائما هناك منتصر ومهزوم، وفي العادة يفرض المنتصر شروطه على المهزوم. ومن خلال مراجعة آخر أرقام تقدم فيروس الكورونا على أرض المعركة، نستطيع القول بأن الفيروس في وضع المنتصر حتى الآن. فقد انتشر في أقل من ثلاثة أشهر في كل أنحاء العالم بطريقة لم يكن يحلم بها أدولف هتلر في أيام مجده. وهربت جحافل البشر إلى جحورها ولا تخرج منها إلا طلبا للغذاء مثلها مثل النمل، لذلك أمامنا نحن البشر الخيارات التالية:
أولا: الإستسلام أمام الفيروس والقبول بشروطه مهما كانت مذلة، تجنبا لخسائر أكثر في المستقبل.
ثانيا: إستمرار المقاومة حتى نكتشف الوسائل الدفاعية (أدوية ولقاحات) الكافية لهزيمة فيروس كورونا ومنع إنتشاره مرة أخرى، مع إستعدادنا لتحمل الخسائر حتى نستطيع اكتشاف وإنتاج تلك الوسائل الدفاعية.
ثالثا: إجراء مفاوضات مع فيروس كورونا لمحاولة الوصول إلى هدنة فورية يتبعها معاهدة سلام.
والبشر في رأيي سوف يؤيدون الحل (ثالثا) ولكن كيف نتفاوض مع عدو لا نراه ولا نعرف اللغة التي يمكن أن يتفاهم بها؟ 
ولقد فكرنا كثيرا في هذا الموضوع، ورأينا أنه من المناسب أن يكون هناك وسيط في التفاوض ومن الأفضل أن يكون هذا الوسيط يعرف لغة تخاطب العدو، وفي نفس الوقت نعرفه ويعرفنا. لذلك وجدنا أن أفضل وسيط ممكن هو فيروس مثل عدونا ويجب اختيار فيروس محايد، فلا نوافق على فيروس إنفلونزا مثلا لأنه ابن عم كورونا. لذلك فكرنا في فيروس قديم وابن حلال إستطعنا ترويضه منذ عشرات السنين مثل فيروس الحصبة وهو في نفس الوقت فيروس مثله مثل فيروس كورونا.
ولما عرضنا الأمر على فيروس الحصبة تعجب قائلا:
- بقالكم أكثر من نص قرن نازلين تهزييء فيّ ومش قادر آخد راحتي في التغذية على أي طفل بعد ما اكتشف الأمريكان لقاح ضدي أنا شخصيا، مع إني ما عملتش أي حاجة للدكتور (جون إندريس) مكتشف اللقاح. ومش عارف ليه الدكتور أخذ الموضوع بطريقة شخصية لأنه قعد يمكن عشر سنين يحاول يطلع لقاح ضدي مع أني ما عملتلوش حاجة أبدا. وزي ما أنتو عارفين أنا فيروس طيب جدا ولا أسبب في العادة أذية جامدة للأطفال، كلها شوية حرارة مرتفعة. خليكم تستاهلوا أهو جالكم فيروس كورونا إللي ما يرحمش لا كبير ولا صغير، ولا غني ولا فقير.
- أيوه يا حضرة الفيروس، بس إحنا مزنوقين الله يخليك، عاوزينك بس تكلم لنا فيروس كورونا وتقول له يخف علينا شوية، وحاول تتوصل معاه لمعاهدة سلام.
- سلام؟؟ هه هه .. أنا عارفكم إنتو البني آدمين ما لكمش أمان، إنتو بتتكلموا عن السلام لكنكم بتخططوا للحرب وتلاقيكم شغالين بتحاولوا تطلعوا لقاح  ضد كورونا. أنا مش ممكن أكون طرف في مؤامرة ضد فيروس زميل. 
- يهديك .. يرضيك يا عم حصبة، طيب نقدر نعمل إيه عشان توافق على الوساطة.
- طيب زي بعضه.. أهم حاجة ضروري تبطلوا التطعيم ضد الحصبة.
- ده مش ممكن ده تطعيم إجباري في العالم كله.
- ما ليش دعوة، ده شرط أساسي.
- طيب إيه رأيك أنه فيه مجاميع من الناس في العالم كله بترفض تطعيم أطفالهم؟
- دول حبايبي، دلوني عليهم.
- أوك، لك أي طلبات تانية؟
- عاوز أدخل جسم إنسان مصاب بفيروس كورونا فيروس بس بشرط ما يكونش أخذ اللقاح ضدي.
- دي بسيطة حنلاقيه عشان خاطرك.
- وبعدين عاوز أعرف إيه طلباتكم للهدنة والسلام عشان أنقلها لفيروس كورونا؟
- إحنا لنا مطلبين أساسيين: الأول: الهدنة الفورية ووقف إنتشار الفيروس حول العالم. الثاني: مش عاوزين نشوف وشه تاني إلا بعد عشر سنين على الأقل.
- طلبات صعبة قوي، بتتكلموا وكأنكم أنتو إللي غالبين، وإنتو متبهدلين يا عيني. على العموم حأبلغه وأرجع لكم. إمتى نبدأ الشغل؟
- بكره الصبح نتقابل في المستشفى العام في وسط البلد، ونختار مريض الكورونا بالشروط إللي إتفقنا عليها.
- أوك على خيرة الله.

تم الوصول إلى مريض متطوع من المصابين بفيروس كورونا وحقنه بفيروس الحصبة.
كل العالم ينتظر بقلق غير طبيعي عبر وكالات الأنباء والقنوات الفضائية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي عن نتائج المفاوضات مع فيروس كورونا بوساطة فيروس الحصبة. واستمر الإنتظار لساعات طويلة، الأمر الذي أثار قلق المسؤولين عن المفاوضات من كل أنحاء العالم وكالعادة عبر السكرتير العام للأمم المتحدة عن قلقه البالغ.
وأخيرا، بعد أن أنهكهم الإنتظار ، طلبوا من الأطباء محاولة التواصل مع فيروس الحصبة. عاد الأطباء ومعهم فيروس الحصبة والسكرتير العام للأمم المتحدة ورئيس منظمة الصحة العالمية ولفيف من كبار المسؤولين، وقاموا بعقد مؤتمر صحفي، وقام بالترجمة أحد الأطباء:
سؤال: هل وافق فيروس كورونا على الهدنة وعلى عقد معاهدة سلام؟
الحصبة: وافق ولكن له الشروط الآتية:
أولا: إيقاف التكاثر البشري الرهيب، والذي تفوق على تكاثر معظم الثدييات، الأمر الذي أدى لفيروس كورونا بالقفز من الحيوان الى البشر، لأن أعداد البشر الهائلة سهلت الأمر على الفيروسات لطلب غذائها.
ثانيا: يطلب فيروس كورونا، أن تخصصوا له مكانا ملائما للحياة داخل الغابات والمحميات الطبيعية والتي يقوم الإنسان بتدميرها بشكل منتظم.
ثالثا: يوافق على شرط عمل هدنة عشر سنوات وبعدها يمكن عمل معاهدة سلام.
سؤال: هل كان لفيروس كورونا أي تعليقات أخرى؟
الحصبة: يقول إن انتشاره بين البشر كان له فوائد كبيرة لكم، فعل سبيل المثال عرفتم أهمية الصحة، وبالرغم من أهميتها فأنكم تصرفون على الأسلحة والحروب أضعاف ما تنفقون على الصحة. وأيضا وجودي بينكم وإنعزالكم عن بعضكم البعض لمدة طويلة أوضح لكم أهميتكم لبعضكم البعض. وأيضا حبْسكم في منازلكم مدة طويلة جعل الهواء أكثر نقاء والمياه أكثر نظافة. وينصحكم بالحفاظ على هذا الكوكب الجميل الذي يمكن أن يسع الجميع.
...
بواسطة الفيديو والنت تم عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتم قبول كل شروط فيروس كورونا لهدنة العشر سنوات، وجاري بحث معاهدة سلام دائمة.