'نورا تحلم' ينتفض في أيام قرطاج السينمائية على تعنيف التونسيات

فيلم تونسي للمخرجة هند بوجمعة يناشد المرأة التونسية بالقفز على جدار الخوف داخلها وتنتقد المجتمع الذكوري الذي يعيب عليها اللجوء للقانون لحماية نفسها.

تونس - يشارك الفيلم التونسي "نورا تحلم" للمخرجة هند بوجمعة والحاصل على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان الجونة السينمائي في أيام قرطاج السينمائية.
وتمثل أيام قرطاج السينمائية التي تأسست قبل 53 عاما، نافذة للسينما التونسية على السينما العالمية والقارة الأفريقية بشكل خاص، وكانت تقام سابقا كل عامين قبل أن تتحول إلى حدث سنوي منذ العام 2015.
وتأسست أيام قرطاج السينمائية في العام 1966، ببادرة من السينمائي الراحل التونسي الطاهر شريعة. ويشرف على التظاهرة لجنة يرأسها وزير الثقافة وخبراء في القطاع السينمائي.
و"حلم نورا" بطولة هند صبري وحكيم بومسعودي ولطفي العبدلي ويتناول في 90 دقيقة قصة امرأة من الطبقة الشعبية متزوجة من مجرم يتفنن في تعنفها وتعذيبها ولديها ثلاثة أطفال لكنها تحلم بحياة أفضل ورجل شريف تكمل معه حياتها.
وترى المخرجة التونسية البلجيكية هند بوجمعة ان فيلمها يحارب العنف بجميع أشكاله لا سيما المسلط على المرأة واعتبرت أن القوانين أعطت المرأة التونسية قدرا كبيرا من الحرية لكن طبقة ما داخل المجتمع ما زال بداخلها جدار من الخوف يتعين هدمه والقضاء عليه وهو ما سعت إليه في أول أفلامها الروائية "حلم نورا".

وقالت المخرجة في مقابلة "القوانين في تونس متفتحة جدا بالنسبة لحقوق المرأة، يمكن مثلا للزوجة التي تتعرض للضرب من الزوج أن تذهب للشرطة وتشتكيه، وحينها يخضع للاحتجاز".
وأضافت "تطبيق القانون أيضا ليست به مشكلة، لأن الشرطة تنفذ هذا، المشكلة الحقيقية في المرأة التونسية وشخصيتها".
وتابعت قائلة "ممارسة الرجل للعنف ضد المرأة يجعلها خائفة منه، ويزيد من هذا الخوف داخلها نظرة المجتمع لها، المجتمع الذي يعيب عليها اللجوء للقانون لحماية نفسها ولا يعيب على الرجل عنفه".
وتقول هند التي كتبت سيناريو الفيلم بنفسها إنها اختارت تقديم نموذج من الطبقة الشعبية لأن هذه الفئة حقيقة تعاني الكثير وينتشر بينها العنف ضد المرأة.
وقالت "لم أعمل على تجميل شخصياتي، قدمتها كما هي بكل سلبياتها، بما فيها من كذب وسرقة وعنف، حتى أقدم صورة واقعية".
وأثبتت دراسة وطنية تونسية سابقة حول العنف الاجتماعي المبني على النوع الاجتماعي بالفضاء العام وداخل الاسرة قام بها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والاعلام حول المرأة "الكريديف" أن 53 بالمائة من النساء التونسيات تعرضن لشكل من أشكال العنف بالفضاء العام او داخل العائلة.
ويتصدر العنف النفسي المسلط على المرأة بالفضاء العام أشكال العنف بنسبة 78 بالمائة يليه العنف الجنسي بنسبة 75 بالمائة ثم العنف الجسدي بنسبة 41 بالمائة.
وتعرض أكثر من 47 في المائة من النساء في تونس اللواتي تتراوح أعمارهن بين 18 عاماً و64 للعنف ولو مرة واحدة في حياتهن. 
وسارعت السلطات التونسية تحت الضغط إلى اصدار قانون جديد عدد 58  في العام 2017 لمناهضة العنف ضد المرأة وتشديد العقوبات ضد مرتكبيه.
ودفعت ظاهرة العنف المسلط على المرأة التونسية إلى جانب ضعف القانون والعقوبات المجتمع المدني إلى الضغط على البرلمان لوضع قانون جديد يحدّ من العنف على المرأة، وينص على عقوبات أكثر تشدداً. وكانت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية تعهدت بسنّ قانون يهدف إلى وضع التدابير الكفيلة بالقضاء على كلّ أشكال العنف بحق المرأة والتصدي لمختلف أشكاله، وذلك من خلال الوقاية وتتبع مرتكبي العنف ومعاقبتهم وحماية الضحايا والتكفل بهم.
وذهب  فيلم "نورا تحلم" لمهرجان تورنتو في كندا ثم سان سيباستيان في إسبانيا قبل أن يشارك بمسابقة الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان الجونة السينمائي بدورته الثالثة.
ستكون تونس ممثلة بـ12 فيلما في مختلف مسابقات أيام قرطاج السينمائية.

'نورا تحلم'
'نورا تحلم' شارك في مهرجان تورنتو

وورد في بلاغ صادر عن الهيئة المديرة لأيام قرطاج السينمائية أنه تم اختيار هذه الأفلام من ضمن 40 فيلما بين روائي ووثائقي طويل وقصير قدمت للمهرجان، وتّم اختيارها من قبل لجان مستقلّة تكوّنت من أنيسة البراق وآمنة القلي وكريم حمودة وحمادي عرافة وخميس خياطي الذين شاهدوا الأفلام الروائية. أما لجنة مشاهدة الأفلام الوثائقية فتألفت من محمد حداد ومحسن فريجي وخالد عقربي وألفة شقرون وأمين بوخريص.
وتشارك ثلاثة أفلام تونسية ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في ايام قرطاج السينمائية هي "نورا تحلم" للمخرجة هند بوجمعة و"بيك نعيش" للمخرج مهدي برصاوي و"قيرة" للمخرج الفاضل الجزيري.
وتشارك أربعة أفلام تونسية في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة هي "قصة حقيقية" للمخرج أمين لخنش و"ميثاق" للمخرج صبري بوزيد و"هروب" للمخرج يؤاب الدشراوي و"سراب" للمخرجة فاتن الجزيري.
وفي مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة تنافس ثلاثة أفلام تونسية هي "الغياب" للمخرجة فاطمة الرياحي و"على العارضة" للمخرج سامي التليلي و"تلفزيون فتح الله" للمخرجة وداد الزغلامي.
ويشارك في مسابقة الأفلام الوثائقية القصيرة فيلما "أهل الكهف" للمخرج فخري الغزال و"من طين" للمخرج يونس بن سليمان.
ويعد التانيت الذهبي أهم جوائز التظاهرة السينمائية التي تنفتح على بانوراما من الأفلام العربية والأفريقية والعالمية.