إذا التزمت بصغائر القواعد يمكنك خرق كبائرها

عالمنا الإسلامي والعربي دائما كان متدينا تماما بحق قبل موجة التدين الظاهري.
موجة التدين الظاهري بدأت في الانتشار خلال الفترة منذ هزيمة 1967 
هزيمة التيارات العلمانية واليسارية لحساب التيارات الإسلامية والتي رفعت شعارا براقا: الإسلام هو الحل

الروائي الإنجليزي جورج أورويل في روايته الأشهر1984” " وعلى لسان بطلة الرواية (جوليا) تقول لعشيقها (ونستون) لإقناعه بارتكاب المعاصي الكبرى "إذا التزمت بصغائر القواعد يمكنك خرق كبائرها"!
أخذت أفكر في تلك المقولة العبقرية، والتي فسرت لي موجة التدين الظاهري التي اجتاحت عالمنا الإسلامي والعربي، وعلى فكرة عالمنا الإسلامي والعربي دائما كان متدينا تماما بحق قبل موجة التدين الظاهري، ولقد وقف التدين سدا منيعا أمام انتشار الشيوعية في البلاد الإسلامية أو العربية، وكان هذا العالم بهذا التدين أحد السدود المنيعة (والتي شجعتها الدول الغربية وعلى رأسها أميركا) للوقوف أمام المد للشيوعي إبان الحرب الباردة والتي امتدت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى انهيار الاتحاد السوفيتي.
وقد رأينا موجة التدين الظاهري تبدأ في الانتشار خلال الفترة منذ هزيمة 1967 وحتى نجاح الخميني في إقامة الجمهورية الإسلامية في إيران بعد الإطاحة بواحد من أقوى الأنظمة في الشرق الوسط، ولا تزال الموجة موجودة، فقد أدت هزيمة 1976 إلى هزيمة التيارات العلمانية واليسارية في المنطقة لحساب التيارات الإسلامية والتي رفعت شعارا براقا: "الإسلام هو الحل" لأنكم قد رأيتم فشل وهزيمة الأنظمة العلمانية، وفاتهم أن الفشل والهزيمة كانت من نصيب الأنظمة الدكتاتورية في مصر وسوريا، ولم تكن يوما أنظمة علمانية بالمفهوم المتعارف عليه، ثم تلا ذلك انتصار الخميني انتصارا كاسحا في إيران مما أخاف كل الأنظمة في المنطقة، وجعلها تزايد على إيران الخميني في شدة التدين، على طريقة: "نحن الذين بدأنا الأديان من هنا وليس من إيران، وإذا كان الخميني متشددا قيراط فنحن سنتشدد 24 قيراطا"!
وهكذا بدأنا نشاهد انتشار "صغائر القواعد" مثل:
الحجاب، النقاب، اللحية، الجلباب القصير، زبيبة الصلاة في وجوه الرجال فقط!! انتشار البرامج الدينية في كل وسائل الاعلام المرئية والمسموعة، انتشار التعابير والألفاظ الدينية في التخاطب بين الناس، مثل قولك السلام عليكم بدلا من آلو، وعند انتهاء المكالمة تقول: لا إله الله، فيرد الطرف الاخر على خط التليفون بقوله: محمد رسول الله، وذلك بدلا من مع السلامة،
والكثير من صغائر الأمور تلك لا تكلف الكثير، ولكنها تمكنك من خرق الكبائر الآتية:
انتشار الرشوة (الراشي والمرتشي في النار). انتشار المحسوبية (والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها). الهروب من العمل (العمل عبادة). عدم إتقان الأعمال في كل المهن تقريبا (ان الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه). الأنانية في المعاملات (حب لأخيك كما تحب لنفسك). الغش في المعاملات (من غشنا فليس منا). عدم احترام الجيرة والجيران (أوصانا النبي بالجار حتى كاد أن يورثه). التفرقة في المعاملة بل والاعتداء على ممتلكات وأرواح أصحاب الديانات المخالفة (لا إكراه في الدين). عدم الاهتمام بالنظافة (النظافة من الإيمان). عدم الوفاء بالوعد (المؤمن من أوفى بوعده). سوء معاملة النساء (رفقا بالقوارير).... والقائمة طويلة ومحزنة.
اهتموا بكبائر الأمور أولا لأنها أصعب على النفس تنفيذها، وبعد ذلك صغائر الأمور ستجد نفسها في مكانها الطبيعي حيث انها صغائر.