الجيدة يدشن دار نشر جديدة في عمّان

دار الجيدة للنشر تنطلق من العاصمة الأردنية عمان طامحة إلى إحداث جراحة تجميلية في سوق النشر العربي. 
جورج صاند هي أمانتين أورو لوسيل لوبان، كاتبة فرنسية ولدت في باريس سنة 1804
الكاتبة الفرنسية كانت صادقة مع نفسها ومع رغباتها، ومع إرادتها في كل شيء

في العاصمة الأردنية، عمّان، دشن الكاتب إبراهيم الجيدة سلسلة تحمل اسمه "كتاب الجيدة"، وفي هذا الأسبوع أهداني نسخة من باكورة إنتاجه كتاب "هو وهي" للكاتبة الفرنسية، جورج صاند، ترجمة مدني قصري. 
من هي جورج صاند؟ 
هي أمانتين أورو لوسيل لوبان، وهي كاتبة فرنسية ولدت في باريس سنة 1804، أي في فترة توهج الثورة الفرنسية، ومعها تزامن التيار الرومانسي في الأدب، وهي ابنة ضابط كبير في الجيش الفرنسي، ينحدر من عائلة أرستقراطية. 
 تزوج والدها من امرأة من عامة الشعب، وعاشت بعيدًا عن جو الأرستقراطية، ولذلك نشأت هذه الفتاة ثائرة متمردة على المجتمع الذي عاشت فيه. 
أما حكاية اختيار اسم "جورج صاند"، فله قصة؛ أنها كانت تكتب رواية بمساعدة كاتب يسمى "جورج ساندو"، وأعجبها الاسم واختارته كي يكون اسم شهرة لها. 
كتبت جورج صاند مجموعة من الروايات منها: "كونسويلو" و"إنديانا"، "فاديت الصغيرة"، كما أنها كتبت أيضًا واشتهرت بكتابة الرسائل التي تبادلتها مع كبار مبدعي وأدباء عصرها. ومنهم الموسيقار شوبان وألفريد دي موسيه. 

رواية
باكورة إنتاج دار الجيدة

تزوجت جورج صاند من رجل لم تعمر معه طويلًا، ولكنها أنجبت منه ولدان، وتركت له كل شيء، وكانت تتكسب من أدبها. 
وجورج صاند تمثل حركة التمرد الرومانسي أو الثورة على المجتمع وعلى العادات والتقاليد، وكان لها قدر كبير من المغامرات العاطفية مع رجال عصرها، وربما أن هذه الحياة المختلفة هي التي دعت دار النشر التي قدمت هذا الكتاب، وهي "دار الجيدة" إلى أن تختار عملًا لهذه الكاتبة ليكون من باكورة إنتاجها. 
وفي تصديره للكتاب أو في كلمته الأولى يقول إبراهيم الجيدة إن هذه الدار تسعى لتحقيق مفهوم جديد لثنائية الكتابة والنشر، مفهومًا يتجاوز معيار الرقيب العربي، الذي تفوق على جوبلز، الذي كان أحد أهم رجال المخابرات الألمانية. ويتجاوز المعيار السائد لدي الناشر العربي في نشر نصوص داجنة، توفر الإشباع الوهمي للقراء الذين يعانون من وقت فراغ زائد، فتحول المعرفة لديهم إلى تسلية، ويضيف الجيدة إن داره تطمح إلى إحداث جراحة تجميلية في سوق النشر، والانعتاق من النشر الدعائي والاسترضاء النرجسي والدخول إلى مساحة جديدة من الأفكار التنويرية الحية، والنصوص المليئة بالنضج والاكتمال التي تواجه أسئلة الحياة فيما تتبناه من أعمال عربية وعالمية. 
والكتاب الذي بين أيدينا عنوانه "هو وهي"، ومن الواضح أن الدار اختارت نوعية خاصة من الكتب، هي التي تميل إلى إظهار جرأة العلاقة العاطفية بين الرجال والنساء. 
ومن عناصر التمرد التي يميزها هذا الاتجاه عند هذه الكاتبة الفرنسية، هو أنها كانت على الرغم من تمردها الاجتماعي وثورتها على التقاليد السائدة في المجتع الفرنسي، لدرجة أنها تُعد إحدى الكاتبات اللاتي أثرن قضية الأدب النسائي في العالم. 
ومع ذلك فقد كانت تميل إلى ارتداء ملابس الرجال، وكانت تفسر ذلك بقولها: "إن ارتداء ملابس الرجال يجعلها أكثر حرية وحركة من الملابس النسائية الكثيفة الفضفاضة، وهي الملابس التي كانت سائدة في العصر الذي ولدت فيه سنة 1804". 
عاشت جورج صاند إزدهار الثورة الفرنسية كما عاشت أيضًا انتكاساتها، وهزيمةا لفرنسيين أمام الألمان في الحرب السبعينية سنة 1870، وهي الحرب التي أثارت حوارًا طويلًا في المراسلات بينها وبين أهم كتاب عصرها مثل ألفريد دي موسيه وغيره من الأدباء.  
كانت جورج صاند تميل إلى كتابة الرسائل حتى في رواياتها؛ فكانت تستخدم تكنيك الرسائل المتبادلة بصورة تلقائية. ومن أهم نماذج الكتابة التي كتبتها وتدل على البحث عن الجرأة، مما يدل على أن الأمور في المجتمع الفرنسي كانت مازالت في كثير من التحفظ الذي ربما نعيشه في تلك الفترة. 

رواية مترجمة
الجيدة يتوسط جابر عصفور وحواس والقعيد والغيطاني ومصطفى عبدالله

تقول على لسان بطلتها: "ليس ضعفًا منها بمعنى الضعف الذي نعزوه لكلمة حب، بل كان ذلك تصرفًا إراديا، بعد أن قالت لهم بعد ليال من التأمل المؤلم: أريد ما تريدونه لأننا وصلنا إلى النقطة التي يصبح فيها الخطأ الذي يجب ارتكابه هو الإصلاح الذي لا مفر منه لسلسلة من الأخطاء. لقد كنت مذنبة في حقك، لأنني لم أمتلك الحذر الأناني لكي أفر منك. 
وأضافت: من الأفضل أن أكون مذنبة في حق نفسي، وأن أبقى رفيقتك ومعذيتك على حساب راحتي وكبريائي.. "اسمع" أضافت وهي تضع يدها في يديه بكل ما أوتيت من قوة "لا تسحب هذه اليد من يديك أبدًا، ومهما حدث احتفظ بما يكفي من الشرف والشجاعة حتى لا تنسى أنه قبل أن أكون عشيقتك كنت صديقة لك، لقد قلت هذا لنفسي منذ اليوم الأول لشغفي بك، حسبنا هذا القدر من الحب بيننا حتى لا نقع في حب أسوأ منه، لكن هذه السعادة لا يسعها أن تدوم لي، لأنك لم تعد تقاسمني إياها، ولأنه في هذه الصلة التي اختلطت فيها عندك الحزن بالفرح فإن المعاناة هي التي غلبت وطغت فيها واستبدت. 
أسألك فقط إن كنت قد مللت من حبي كما أراك الآن متعبًا من صداقتي، أن تذكر دومًا أن الذي ألقى بي في أحضانك ليست لحظة هذيان، بل دفق من نبضات قلبي وشعور أكثر رقة وديمومة من نشوة الشهوة الحسية. 
هذا مثال للطريقة التي تعبر بها عن المشاعر الحقيقية التي بين الرجل والمرأة. 
وينتهي الناشر إلى ملاحظة هي: هل يتحقق لهما كمال الوصول إلى تلك البؤرة السماوية المطلقة الشفيفة الطاهرة من دنس الغرائز إلى مطالعة أحداث الرواية التي تمثل تجربة الكاتبة الذكية مع أديب فرنسي كبير تكشف للقارئ كثيرًا من جدلية المطلق والنسبي والغرائزي والروحي، وهو يعبر مساحات المقدس والمدنس في تقلبات العواطف البشرية في سعيها إلى امتلاك العشق المثالي. 
مثل هذه المصطلحات هي عادة محاولة لتغطية شيء كبير في العمل الأدبي وهو الحديث عن علاقة شديدة الحميمية والجرأة في مجتمع يعتبر مجتمعًا منفتحًا، وإن لم يكن كذلك بالضبط في ذلك الوقت من القرن التاسع عشر، لكنه في حالة تمرد على واقعه بحثًا عن الصورة المثالية التي تصنعها الأحلام الرومانسية في الأدب وفي الرواية. 
ونحن لا نستطيع أن نقول إن جورج صاند كانت حياتها سعيدة بالكامل، ولكنها كانت حياة صادقة مع نفسها ومع رغباتها، ومع إرادتها في كل شيء.