الكتاب المصري يعود إلى حضن بيروت

النجاري يعرب عن سعادته باستعادة مصر فرع الهيئة المصرية العامة للكتاب الواقع في شارع الصيداني في منطقة الحمراء برأس بيروت، بعد توقف دام أكثر من 8 سنوات. 
مصر تستعيد أحد الشرايين الحيوية للفكر والثقافة ونشر الكتاب وتوزيعه في قلب بيروت
وصول الكتاب المصري إلى بيروت أكبر ضربة للقراصنة والمزورين

إلى العاصمة اللبنانية بيروت وصلت وزيرة الثقافة المصرية على رأس وفد ثقافي وإعلامي لإعادة افتتاح مقر "فرع الهيئة المصرية العامة للكتاب" في قلب بيروت. هذا الفرع الذي تأسس عام 1967 على اعتبار أن بيروت كانت أهم منطقة لوجيستية لصناعة الكتاب وترويجه في الوطن العربي، كما كانت ساحة مقتوحة للصحافة ولحرية الرأي وللمسرح وتجاربه الطليعية، ولكافة تجليات الثقافة العربية.
وبعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية تعرض هذا المقر للتدمير مما ألجأ مصر إلى تقله إلى مقر آخر. 
وقام نزيه النجاري سفير جمهورية مصر العربية لدى الجمهورية اللبنانية باستقبال الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة المصرية والوفد المرافق لها لدى وصولهم إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وأعرب النجاري عن سعادته باستعادة مصر فرع الهيئة المصرية العامة للكتاب الواقع في شارع الصيداني في منطقة الحمراء برأس بيروت، بعد توقف دام أكثر من 8 سنوات. 
 كما أوضح السفير أن الفرع يعاد افتتاحه في الساعة السادسة من مساء الجمعه ٥ يوليو/تموز بعد تطويره وإعادة تأهيله.
وأكد النجاري أن مصر بذلك إنما تستعيد أحد الشرايين الحيوية للفكر والثقافة ونشر الكتاب وتوزيعه في قلب بيروت التي تعد مركزًا لوجيستيًا لصناعة الكتاب في المنطقة العربية، وتشهد الافتتاح وزيرة الثقافة، والدكتور هيثم الحاج علي، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، والمهندس محسن صلاح، رئيس مجلس إدارة شركة "المقاولون العرب" التي كُلِفَت بتنفيذ أعمال تطوير الفرع وتأهيله، فضلًا عن عدد من ألمع الشخصيات الثقافية والإعلامية اللبنانبة التي رحبت بحضور هذه المناسبة.
وبدورها أشادت وزيرة الثقافة المصرية بالجهود الدبلوماسية التي قامت بها السفارة المصرية بلبنان والسفير نزيه النجاري لتحقيق هذا الإنجاز الثقافي المهم من خلال التنسيق والتواصل الدائم مع وزارة الثقافة. 
ومن المقرر أن تعقد الوزيرة المصرية عدة لقاءات ومباحثات خلال هذه الزيارة مع مجموعة من المسئولين، وأعضاء جمعية الناشرين اللبنانيين، ورئيس جامعة بيروت العربية  لتفعيل عدد من البروتوكولات والمشروعات الثقافية المبرمة والجديدة التي تخدم الجانبين.
وقد ذكر لي الشاعر والكاتب الصحفي والأستاذ الجامعي اللبناني ادكتور شريل داغر، الذي التقيته في مدينة القيروان التونسية قبل أيام في رحاب "مهرجان ربيع الفنون الدولي" في دورته الثالثة والعشرين، أن الهيئة المصرية العامة للكتاب أصدرت له مؤخرًا عددًا من مؤلفاته، وأنها ستخصص حفل توقيع لها في بيروت، وآخر في القاهرة، وأضاف أن هذا الحدث سيتيح للقارئ اللبناني وللضيوف العرب الذين يقصدون بيروت طوال العام فرصة اقتناء الكتاب المصري ذي المستوى الرفيع.

وفي هذا السياق يجدر بالذكر أن نشير إلى أن بيروت كان لها دور لا يمكن إنكاره في تطوير الكتاب المصري طوال القرن الماضي؛ فبالإضافة إلى الناشرين اللبنانيين والشوام الذين وفدوا إلى مصر وأقاموا فيها مطابعهم ومكتباتهم الشهيرة مثل: "الخانجي"، و"الحلبي"، و"حسن الزين" الذي أسس كيانًا مهمًا في النشر في شارع قصر النيل بوسط القاهرة تحت هذا المسمى "دار الكتاب المصري- دار الكتاب اللبناني"، ومن أهم من عملوا معه وتخرجوا من مدرسته الناشر الكبير محمد رشاد، الرئيس الحالي لاتحاد الناشرين العرب الذي أطلق على واحدة من دور النشر الخاصة به مسمى "الدار المصرية اللبنانية" وهي تقع على مبعدة أمتار من "دار الكتاب المصري - اللبناني" لصاحبها حسن الزين الذي كان مغرمًا بنشر الكتب الفاخرة والموسوعات الضخمة، وإليه يعود الفضل في وصول الكتاب العربي إلى قلب إفريقيا.
أقول إن اللبنانيين والشوام الذين لعبوا دورًا مهمًا في النهوض بالصحافة في مصر بعد أن أسسوا: جريدة "الأهرام"، ومجلة "الهلال"، نجحوا في تطوير الكتاب العربي وخدمته وإخراجه والترويج له وتسويقه، ومن خلالهم فطن الناشرون المصريون للكثير من الأمور الواجب مراعاتها عند طبع الكتاب وتجليده ليصبح أكثر قبولًا من القارئ وأقرب إلى مواصفات سوق الكتاب العالمي. وهنا ينبغي ألا ننسى محمد المعلم مؤسس "دار الشروق" التي حققت نجاحًاً مبهرًا في القاهرة وفي بيروت بالطبع.
ومن دور النشر غير اللبنانية التي نجحت في النهوض بالكتاب التراثي في لبنان ذاتها هذه الدار التي أسسها الناشر التونسي الحبيب اللمسي في بيروت باسم "دار الغرب الإسلامي"، وقد غادر دنيانا قبل نحو عامين بعد أن ترك علامة واضحة تخلده في سوق النشر العربي.
وفي النهاية لا بد من تحية هذه العودة للكتاب المصري إلى حضن لبنان ليتصدى بحضوره لمحاولات القرصنة والتزوير التي عانى منها كثيرًا.