كتّاب الأردن بين القراءة ودفء العائلة وتأمل العالم خلال العزلة

انشغالات المبدعين أثناء الحجر الذي ألزم نصف سكان الأرض المنازل تتباين لكنها تتفق في طرح الكثير من الأسئلة عما سيؤول إليه العالم بعد انقضاء الأزمة الصحية.

قبل ثلاثة أسابيع تقريبا كانت الحياة في الأردن كما هي في الكثير من البلدان التي لم تسجل الكثير من الإصابات بفيروس كورونا المستجد، تسير بحذر لكنها لم تعلن توقفا تاما عن الحركة والتنقل وإلزام الحجر المنزلي وحظر التجول كما يحدث الآن، لذا كان على الأردنيين جميعا قضاء الوقت في بيوتهم وكان على الجميع بمن فيهم الكتّاب والمثقفون استثمار العزلة في انشغالاتهم المفضلة أو تلك التي فرضتها عليهم الأوضاع الراهنة.
كيف يواجه كتّاب الأردن الحجر المنزلي وكيف يقتلون الضجر والملل وماذا تعني لهم هذه الأوقات التي توقف فيها العالم خارج الجدران عن الحركة بينما تطل المخاوف والهواجس والأسئلة بكل إلحاح وتتسلل إلى انشغالات المثقفين.
يقول مبدعون من الأردن حول تجاربهم في العزل المنزلي:
تجربة لن أكتب عنها إلا بعد اختمارها
القاصة تغريد شاور قالت: في الظروف العادية، تميل حياتي إلى الهدوء.. إلى الترتيب لا الرتابة؛ حيث أن ساعات عملي الطويلة كفيلة بترتيب ما تبقى من اليوم، أما في هذا الظرف الاستثنائي الذي يمكن وصفه بالمخاتل، لما يحمله من ترقب وتوجس وتحسب وتفكير مطلق في قضية فيروس صغير أوقف العالم على قدم واحدة، فيروس استطاع أن يلعب الغميضة مع العالم بقواه المختلفة ولم يمسك به أحد بعد؛ فقد كنت في البداية هادئة كعادتي، لم أعط الموضوع أكبر من حجمه، لذا واصلت عملي، وممارستي للمشي، وكذا القراءة في ساعة متاخرة من الليل، وعندما اشتدت الأزمة ودخلنا في مرحلة الحجر الصحي، وهي تجربة لن أكتب عنها إلا بعد اختمارها إن قُدر لنا الكتابة عنها، كان مفرحا أن أقضي أياما دون عمل - من باب أخذ قسط من الراحة- لكن تبين لي أن حجم العمل الذي سأمارسه في هذه الفترة العصيبة يحتاج طاقة ذهنية وفكرية أكبر، فجاء التعليم عن بعد وأخذ جل وقتي للتواصل مع طلبتنا من خلال منصة المدرسة الالكترونية الخاصة بها؛ وكحال أي مشرف في القطاع الخاص، عليه ضغط كبير، بِتُّ في عالم جديد أراقب العالم: مدرستي، مكتبي طلابي، كتبي أوراقي.. من خلال الشاشة.

تغريد شاور
تغريد شاور: بِتُّ في عالم جديد أراقب العالم من خلال الشاشة

في هذه اللحظة تشكلت لدي صور جديدة عن الصبر ومساحات أوسع للدهشة. أدركت أن هذه التجربة ستكون معلما لي، في هذا الحجر كنت أحتاج من يتكلم عني من يكتب بدلا عني فلجأت للسينما العالمية أبحث عن عوالم جديدة من خلال الأفلام الفلسفية التي أشاهدها، عرفت أن العالم نقطة صغيرة لكنها مضطربة. ابتعدت عن الروايات لأتعمق في كتب الفلسفة، فيما يتبقى لي في اليوم من وقت، فيما توجهت دفة كتابتي في مشروعي الجديد إلى زاوية نظر جديدة من هذا العالم، تقطعني رأس الساعة لأتابع العالم وهو فارغ الإ من خوفه، أتابع ولا أسمح لنفسي أن انهر هذا الخوف في كلام الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، أتنقل ثم أعود لحجري الخاص.
لم يكن من الصعب أن أتقبل فكرة الحجر، ولكن كان من غير الممكن إلا أن أداوي هذا العالم الموبوء بشيء من التغيير والتجديد والتطهير، أعيش حالة الحجر، على أنها مرحلة انتقالية سأخرج منها شخصا متطهرا متغيرا، باحثا، محبا للحياة؛ رغم أنها آخر ما كان يعنيني.
هل أكثر صفاء من المكوث في عزلةٍ أحبّها وياما سعيت إليها!
الكاتب جعفر العقيلي: ليس من فرق كبير بالنسبة لي بين فترة حظر التجول والحجر المنزلي وبين ما سبق من أيام كانت حرية الحركة متاحة فيها من دون ضوابط أو قيود. 
فأنا –لمن يعرفني- "بيتوتيّ" إلى حد كبير. لا أقصد طبعاً الركون إلى الكسل والخمول كما قد يظن بعضهم، وإنما أنني عودت نفسي منذ سنوات عديدة على إدارة معظم شؤون عملي من البيت. تكفيني طاولة (ليس بالضرورة أن تكون طاولة مكتب) وكرسيّ، وجهاز الحاسوب خاصتي، الفارق بين هذه الأيام والأيام الخوالي أنني أصبحت أنجز أكثر. فالأعمال التي أقوم بها من كتابة وتحرير ومراجعة وتقييم للمحتوى لا تتطلب سوى الوقت والذهن الصافي.

جعفر العقيلي
جعفر العقيلي: قلّبت ألبومات صور قديمة باحثاً عن وجهي في وسط الجموع

 وهل أكثر صفاء من المكوث في عزلةٍ أحبّها وياما سعيت إليها! بل إنها تظهر ثيمةً أثيرة في عدد لا بأس به من نصوصي القصصية والشعرية! طبعاً ثمة إرباك في الساعة البيولوجية، لا شأن لي به، لكنه أحد تبعات الطاقة الفائضة التي يتمتع بها الأبناء محاطين بالجدران الأربعة! ما يجعل من المتعذر أن أحدس بموعد نومي أو صحوي من النوم. 
وما لاحظته أنني لم أعد أهتمّ لتوالي الأيام أو لتعاقب تواريخها. فانهماكي بما أحبّ من أعمال وعدم وجود مواعيد للقاء أحد يجعلني أنظر إلى الأيام على أنها صفحات تُطوى، والمهم هو ما استطعت تدوينه عليها من إنجاز.
 قرأت خلال فترة حظر التجول كتباً كانت تنتظر تفرغي كي أنقلها من الرف إلى حضني، راجعت مخطوطات كثيرة لغايات إدراجها في برنامج النشر لدى دار النشر التي أديرها، حررت نصوصاً لتُنشر يومياً في صفحات الصحيفة التي أعمل بها، تفاعلت مع مبادرات كتابية أطلقها أصدقاء عبر فضاء الفيسبوك للتحايل على الخوف والقلق بالكتابة، وخططتُ بروّية لمشاريع كانت في حكم المؤجلة تتعلق بالهوية البصرية لأغلفة دار النشر، وإطلاق سلسلة "هذا كتابي" للكتب الأولى لأصحابها في مجال الإبداع، وانتهيت من إعداد المخطط الأولي لمحتوى الموقع الإلكتروني الثقافي الذي يمثل الدار! ماذا أيضاً؟! عدتُ إلى أرشيفي المخبوء من رسائل تلقيتها من أصدقاء اكتشفت أن معظهم أصبحوا في عداد الراحلين، وقلّبت ألبومات صور قديمة باحثاً عن وجهي في وسط الجموع. وفي الوقت نفسه، ثمة ما يكفي من وقت لإدارة فريقي في "الآن ناشرون وموزعون" مع اعتماد فكرة العمل المرن، فلا يموت الذئب ولا تفنى الغنم! وثمة متسع لحوارات مؤجلة مع هيا صالح (الكاتبة التي صودف أنها زوجتي) حول كتب تسنّى لكلينا قراءتها، تتناول اللغة والتقنية والأسلوب والمستوى الفني.

جلال برجس
جلال برجس: كتابة الوجع في لحظة الوجع ضرب من الصراخ غير المجدي

ماذا على كاتب سجين أن يفعل غير الكتابة؟
الروائي جلال برجس: حينما توقف كل شيء وساد الصمت، قلت إن الأرض في إجازة، لكن بمجرد مرور أيام من التبدل في كل شيء حتى بدلت رأيي.
 نحن في سجن أبوابه مشرعة على مصراعيها، الفيروس من أمامك والجدران من ورائك فماذا عليك أن تفعل إزاء كل هذا الوقت الذي يتكاثر بشراهة؟ 
ماذا على كاتب سجين أن يفعل غير الكتابة؟ كتابة الوجع في لحظة الوجع ضرب من الصراخ غير المجدي، كتابة البهجة في لحظة البهجة عرقلة لخطواتها. 
لهذا وجدتني أعود إلى رواية شرعت بكتابتها قبل عام ونصف. وقت كثير يحيط بي لهذا أنا أكتب، أو بالأحرى أتمم ما كنت أكتب. 
عين على الصفحة وأخرى على النافذة أحدق بالعالم ما الذي سيحل به، إلى أين سيمضي. كيف سنكون بعد انتهاء هذه العزلة، عزلة الكورونا. هل ستكون لحظة فاصلة وذهاب نحو عالم جديد؟ أم عودة إلى الوراء. 
أكتب نصًا روائيًا جديدًا لكني وجدت شخصياته يتساءلون مثلي عن لحظة البارحة ولحظة الغد، إلى أي شكل ستؤول!

رائدة زقوت
رائدة زقوت: هذه الجائحة تتركنا أمام خيارات غريبة

اعتزلهم ليكون لحبك معنى أعمق
الكاتبة رائدة زقوت: الترقب، الوقوف بشكل متكرر أمام النافذة المهملة في زاوية غرفة غير مستخدمة في المنزل، بحثا عن إجابات كبيرة لأسئلة لم نطرحها على الملأ بعد.
 هذا جزء من فعالية جديدة لم تكن ضمن برنامج العزلة الذي أعيشه طواعية منذ أعوام، ربما التوقف عن رياضة المشي اليومي هو أسوأ ما عانيته في هذه الفترة، أما بقية اليوم فيمتلك نفس قسمته السابقة من حيث أوقات العمل، وأوقات القراءة او متابعة المستجدات، إضافة للتحديق بالمجهول الذي جاء دون سابق إنذار.
 العائلة الصغيرة، العائلة الممتدة، الأصدقاء هم الأكثر حضورا في هذه الحالة، الخوف عليهم، البحث عن تعبئة روحية، إيجابية منهم ولهم هو انشغال من نوع جديد، مشاعر جديدة تختلط بين الحب والخوف والرجاء بأن يحفظهم الله سبحانه تستيقظ معي وتنام معي أيضا، هذه الجائحة تتركنا أمام خيارات غريبة: إن كنت تحبهم، اعزل نفسك، أو اعتزلهم ليكون لحبك معنى أعمق!

رمزي الغزوي
رمزي الغزوي: أخذت جرعة ضد الخوف في حرب العراق 1991

أجنحتي الكورونية
الإعلامي والكاتب رمزي الغزوي: لم ترعبني صافرة الإعلان عن دخولنا حيّز الحجر المنزلي في حربنا مع فايروس كورونا. لحظتها فتح أبنائي شقاً من الشباك؛ بغية أن أسمع الصوت الموشّى بالألم والخوف والمجهول؛ لكني ظللت زارعاً نفسي في كتابي، وكأن الأمر لا يعني أن أجنحتنا ستُلجم. 
يعرف أبنائي أن لي روح عصفور في فضائه. لكنهم لا يعلمون أنني أخذت جرعة ضد الخوف في حرب العراق 1991. كنت طالباً في سنته الجامعية الأولى، كنت مجنوناً بركاناً لا يرى في الحرب أكثر من لعبة. لم يهرب مثلما فعل غالبية زملائه، وظل تحت القصف. لم يدخل ملجأ، بل كان يستهويه أن يعتلي عمارة يسكنها؛ ليراقب الصواريخ كيف تتنزل بالموت، وتثير نيراناً تتلظى بألسنة طِوال.
لربما من أجل هذا لم يرعبني دخولنا الحجر الكوروني. منذ زمن دربت نفسي كي أتصومع فيها، وأراها فضائي. أمي تقول إنه ورغم كثرة أصدقائي في طفولتي، إلا أنني كنت على استعداد أن أبقى ألاعب نفسي وأضاحكها، وأمتعها يوماً أو يومين.
وحين تزوجت حرصت مع شريكتي أن نبني أسرة توازي العالم وتساويه. لم نر يوماً أن البيت جدران. بل قلنا إن الحب والجمال والخير والحق سمواتنا الأخرى، وكم يسهل علينا أن نمخر عبابها، وننول عوالم بعيدة سامقة. 
 ونشاء أبناؤنا الثلاثة معنا على عدم ترك الفراغ يأكلنا. بل كنا وما زلنا نتلذّذ بأكله ونقرشته وقرمشته. أنا لم أضجر يوماً. وكذلك أبنائي الذين شبّوا وهم يمهرون بطبخ سعادتهم بأيديهم، دون انتظار شيء من الآخرين.
 متعي كثيرة، متعددة، ومتداخلة، وبسيطة في كثير من الأوقات. ولو أني أستطيع أختصارها في ثلاث: القراءة والكتابة والتدريس الجامعي. والقراءة هنا ليست للكتب فقط. بل لكل الأشياء المتاحة واقعاً، أو على صفحات الذهن. فأنا أتلذّذ بقراءة وردة في أصص صغير في شرفة. وأتشرّب الموسيقى لساعات، وأنا مغمض العينين؛ فأراها تتصاعد زهوراً وكائنات غريبة ومسرات وأحزاناً وصوراً وأفراحا ووجوهاً ومعارك وحكايات. 
وما زلت كلما عدت من أسفاري الكثيرة الممتعة أكتب مباشرة على صفحتي في فيسبوك: لا مكان كالبيت. وذات مرة عاتبني صديق قضيت معه أجمل أسبوع بأني نسيت أوقاتنا معا؛ فقلت: في السفر لا بيت لي. وفي البيت أسافر أنّى أشاء.
 وجدت في هذا الحجر لأعيد تموضعي. عدت إلى صومعة نفسي التي لم أتركها يوماً، ولم أكفَّ عن صداقتها. ولكني أعود إليها بكل وجداني الآن، لربما لأن حياتنا اللاهثة لم تعطنا فرصة أن نكتشف أنفسنا كما ينبغي. أو لأننا نتغير وعلينا أن نلاحق التغير ونجاريه. فلا يكفي أن تقول في يوم أنك تعرف نفسك.
ما زلت أذكر سيدة راسلتني، وهي تعرف الحميمية التي أعيشها مع عائلتي. قالت لي: أحضن أبناءك أكثر وأشد وأعمق. إنهم سيفرّون عنكم كالعصافير من أعشاشها، حين يكسوها الريش. قلت: لا يهمني هذا، ولا يشغل بالي. ما يعنيني كيف لي أن أمنحهم أجنحة قوية.  
 في العائلة نلتقي على أشياء نحبّها. نضحك كثيراً. ونأكل معاً دائما. ولا أعرف كيف يأكل الناس منفردين؟. نحضّر فيلما على التلفاز، أو مسلسلا عبر اليوتيوب، أو نغني معا. ونلعب شطرنجا أحياناً. نسمع قصص بعضنا. وندخل في مصارعة حرة تثير حفيظة زوجتي، وقد صارت تخاف أن ينال مني أصغرهم. وهي التي كانت ترجوني أن أتراخى لهم حين كانوا صغارا. وربما هي تطلب منهم الآن أن يتراخوا لابيهم الذي قد كبر على حين غفلة من قلبه.

هيا صالح
هيا صالح: هجرت بشكل شبه كامل مواقع التواصل الاجتماعي

الموسيقى تعينني على تحمل قسوة الأخبار 
الكاتبة هيا صالح: مثل الحظر بالنسبة لي فرصة للتوقف وإجراء مراجعة شاملة للكثير من الأمور الحياتية، ففي ظل تأجيل العديد من الخطط المتعلقة بالسفر والعمل والأمسيات والنشاطات الثقافية والزيارات العائلية والمناسبات الاجتماعية. شعرت كما لو أنني كنت كوكباً لم يفتأ يدور في مداره لاهثاً، والآن حانت له وقفة مع الذات أولاً ومع الآخر أيضاً.
صار عندي الوقت للتقارب مع أفراد عائلتي التي أحبها؛ زوجي الكاتب جعفر العقيلي، وأطفالي أحمد وسلمى وبلال وإبراهيم، وتوجيه العناية الأكبر لهم؛ من حوارات متواصلة مع جعفر تتنوع بين إنجاز مشاريع مؤجلة والتفكير بمشاريع أخرى لاحقة، بالإضافة إلى فرصة استعادة التقارب في المشاعر الذي أفقدنا إياه الجري وراء "لقمة العيش"، حيث كنت كثيراً ما أعود من عملي عصراً، فيكون زوجي منشغلاً بعمله المسائي، وهكذا تتساقط الأيام من الروزنامة المعلقة على الحائط ونحن نحلم ببضعة أيام في السنة نجتمع فيها كعائلة أو نقضي وقتاً معاً أو نسافر إلى وجهة ما.
 أما ابني البكر أحمد فخصصت له وقتا لا بأس به وهو الذي يستعد لامتحانات الثانوية العامة بعد أشهر، ومن الممكن القول إنني أصبحت ماهرة في علم الأحياء وبخاصة وحدة الوراثة، وفي الاقترانات الرياضية ومواد الفيزياء والكيمياء. وهذا الوقت الذي أقضيه مع بكري وفر لي فرصة لاستعادة جزء من تاريخي الشخصي المرتبط بمرحلة الثانوية العامة، وشكّل نوعا من التجوال الممتع في الذكريات.
 كما أتابع دراسة صغاري عبر منصات التعليم عن بعد، إلى جانب تذكر جميع المهارات المرتبطة بالطبخ، والتجرؤ على إعداد أكلات طالما أقلقني التورط بها كورق العنب والملفوف والمحاشي والشيش بورك والمعجنات، لأنها كانت تحتاج إلى رفاهية الوقت التي لم تتوفر لدي سابقاً، وسعيدة بأن أكتشف أنني ماهرة في الطبخ، بحسب ردود فعل العائلة.
 وفي خضم ذلك كان لنفسي عليّ حق أيضاً، أقرأ بكثرة وأسمع الموسيقى، ما يعينني على تحمل قسوة الأخبار التي تعصف بالعالم كله بلا هوادة. كما هجرت بشكل شبه كامل مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت تثقل نفسي وتدخلني في نفق مظلم مليء بالإشاعات أو التكهنات أو التهويلات، مكتفية بمتابعة متقطعة للأخبار الرسمية التي تبثها فضائيات تتسم بالمصداقية.
كما وفر لي حظر التجول وقتاً لإنجاز مسرحية للأطفال حول تقبل الآخر/ المختلف، أخطط للمشاركة بها في مهرجان مسرح الطفل الأردني المزمع إقامته في الصيف، ورواية للفتيان تبنتها دار نشر متخصصة ستصدر بعد أن تزول هذه الغمة إن شاء الله، وكذلك أعكف على استكمال روايتي الجديدة للكبار والتي بدأت منذ أكثر من عام كتابتها على فترات.
 أدرك أن هذا الحظر ليس إجازة يمكن أن يسترخي المرء بها، لأنه يعلم أنها من تداعيات شدة كبيرة تخيم بظلالها على العالم كله، لكن يبقى الأمل والرجاء أن يزول هذا الكرب ويسمح لبذور هذه الشدة التي زُرعت في نفوسنا أن تنمو لتعلمنا درساً في الإنسانية وفي تحسين أدائنا في قادم الأيام.