معرض تونس للكتاب يضيء على الحريات الفردية والمساواة

المعرض الدولي يتناول مواضيع حساسة ومصيرية تثير جدلا وقراءات مختلفة من الناحية الدينية والقانونية، ويسترجع بريق الناشر العربي.
المساواة في الإرث لترسيخ عقلية المساواة التامة بين الجنسين
مقترحات مصيرية للجنة الحريات الفردية والمساواة
إصلاحات جوهرية لتطوير مجلة الأحوال الشخصية
تصورات لحماية الحريات الفردية دستوريا واجتماعيا

تونس -  افتتح معرض تونس الدولي للكتاب دورته الخامسة والثلاثين الجمعة بمشاركة 139 عارضا من 23 دولة.
وتدور أنشطة وندوات المعرض المستمر حتى 14 أبريل/نيسان حول قضية "الحريات الفردية والمساواة".
معرض تونس الدولي للكتاب، الذي اشتد عوده، ما ينفك يعلن عن حضوره كموعد سنوي مع الكتاب منذ عام 1982.
 وأشار مدير دورته الحالية الباحث والروائي شكري المبخوت إلى أن الموضوع الرئيسي لأبرز محاور البرنامج الثقافي لهذه الدورة يمثل مسألة حساسة ومصيرية بتونس، وهي "الحريات الفردية والمساواة" والتي "تثير جدلا وقراءات مختلفة من الناحية الدينية والقانونية".


اليوم تتجدد إرادة الحياة الحرة الكريمة لإنقاذ عدد من الحقوق الكونية على رأسها الحريات الفردية بين الرجال والنساء
 

وأوضح أن لجنة التنظيم اختارت هذا "الموضوع الجدلي"، لإيمانها بأن النشاط الثقافي في المعرض يسعى إلى فتح فضاءات للحوار تنطلق من الكتب والمصنفات الفكرية والأدبية.
وكانت تونس أقرت في الفترة الأخيرة قوانين ترسخ مبدأ المساواة بين الجنسين في مواضيع بالغة الحساسية من وجهة نظر دينية وقانونية.
صادق مجلس الوزراء في تونس على مسودة قانون الأحوال الشخصية الذي يتضمن أحكاما بالمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة.
وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قد شكل لجنة في أغسطس/آب عام 2017 وكلفها بإعداد تقرير يتضمن إصلاحات تشريعية متعلقة بالحريات الفردية والمساواة منها إقرار المساواة في الميراث والسماح للتونسية بالزواج من غير المسلم وأثار وقتها جدلا واسعا في تونس وخارجها.
وكان السبسي أقر مراجعة قانونية تضمن المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة مع احترام إرادة الأفراد الذين يختارون عدم المساواة.
وتونس واحدة من أكثر الدول العربية انفتاحا في مجال تحرر المرأة منذ صدور مجلة الأحوال الشخصية عام 1956 لكن رغم ذلك ظل موضوع المساواة في الميراث أمرا بالغ الحساسية في المجتمع التونسي.
وكانت قوانين الإرث في تونس، المستمدة من الشريعة الإسلامية، تقوم إجمالا على قاعدة "للذكر مثل حظ الأنثيين".

معرض تونس للكتاب
'ربيع الكتاب والفكر والشوق'

كانت لجنة الحريات الفردية والمساواة التي أذن السبسي بتشكيلها في أغسطس/آب 2017 قد قدمت تقريرها في يونيو/حزيران 2018 والمتضمن للعديد من المقترحات  الجوهرية المتعلقة بتطوير مجلة الأحوال الشخصية ولاسيما المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة وإلغاء عقوبة الإعدام وعدم تجريم المثلية الجنسية، إلى جانب تقديم جملة من المقترحات الداعمة للحريات الفردية وتصورات لحمايتها دستوريا واجتماعيا.
واحتشد آلاف التونسيين في وقت سابق أمام مجلس النواب احتجاجا على تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة الذي أثار جدلا واسعا بسبب تناوله مواضيع حساسة.
ودعا السبسي إلى مراجعة مجلة الأحوال الشخصية لمواكبة تطور المجتمع وملائمة التشريعات مع الدستور الجديد.
تعتبر خطوة السبسي فصلا جديدا من الاصلاحات التي بدأتها تونس في هذا المجال منذ خمسينات القرن الماضي، خلال حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة مؤسس دولة الاستقلال وتوجتها آنذاك بمجلة (قانون) الأحوال الشخصية في عام 1956 والذي تضمن حقوق واسعة للمرأة.
ذكرت الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية، سعيدة قراش، أن هذه المبادرة "تكرس نضالات أجيال وحقوقيات يدافعن على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة التونسية، وعلى ترسيخ عقلية المساواة التامة بين الجنسين".
افتتح معرض تونس الدولي للكتاب رئيس الوزراء يوسف الشاهد ووزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين وعدد من أعضاء الحكومة وسفراء دول عربية وأجنبية وأدباء وكتاب ومبدعون تونسيون وعرب.
وقال مدير المعرض شكري المبخوت "نلتقي اليوم لنستقبل ربيع الكتاب والفكر والشوق... سوق للكتاب عامرة تعبر عما تعيشه بلادنا من حركية فكرية وثقافية تكاد تلمس لمسا بعد أن افتك التونسيون حريتهم فتحررت ألسنتهم وأقلامهم ليساهموا في صنع تونس الجديدة بالأفكار والخيال والكلمات والجمال".
وأضاف "اليوم تتجدد إرادة الحياة الحرة الكريمة لإنقاذ عدد من الحقوق الكونية على رأسها الحريات الفردية بين الرجال والنساء لذلك فتحنا فضاءات للنقاش الثقافي الرصين حول هاتين المسألتين على سبيل التفاعل مع الواقع التونسي".
وجرى خلال الافتتاح تسليم جوائز الإبداع الأدبي والتي فاز بها في فرع الرواية طارق الشيباني عن رواية (للا السيدة) وفي فرع القصة القصيرة رضا بن صالح عن مجموعته (تقارير تونسية مهربة) وفي فرع الترجمة وليد أحمد الفرشيشي عن ترجمته رواية (يرى من خلال الوجوه) للفرنسي إيريك إيمانويل شميت إلى العربية.
وتقاسم جائزة الدراسات الفكرية كل من محمد الحداد عن كتاب (الدولة العالقة) ولطفي عيسى عن كتاب (أخبار التونسيين) وسامية القصاب الشرفي والعادل خضر عن كتابهما (قرن من الأدب في تونس (1900-2017).

معرض الكتاب
حركية فكرية وثقافية

كما شمل برنامج الافتتاح تكريم بعض الأدباء والروائيين والنقاد العرب منهم الناقد المغربي محمد برادة والروائي الفلسطيني توفيق فياض والروائي والناقد السوري نبيل سليمان والشاعرة الأردنية زليخة أبو ريشة والروائية اللبنانية علوية صبح.
ومن تونس كرم المعرض الكاتبة آمنة بلحاج يحيى والروائية آمال مختار والإعلامي فرج شوشان والناقد أحمد حاذق العرف والباحث محمد صلاح الدين الشريف والمفكر يوسف الصديق.
ورفعت التظاهرة الثقافية شعار "نقرأ لنعيش مرتين". 
يسعى برنامج معرض تونس الدولي للكتاب إلى استرجاع بريق الناشر العربي وفقا لمدير الدورة الحالية للمعرض.
ويشكو الناشر العربي عموما من صعوبة في الترويج لانتاجه الثقافي او الفكري او الادبي وارتفاع تكاليف الطباعة والتوزيع الى جانب انتشار ظاهرة القرصنة والرقابة.