ورطة الشيعي (3)

يتوه الشيعي الاثنا عشري بين آلاف المرويات المتناقضة والآراء الحوزوية المتضادة مما يعسر على العوام الفصل فيها وتمييز الصحيح من الخاطئ.
كيف لبسطاء العقل والتعليم والثقافة التعرّف على الصواب
يتعاملون مع النص الديني قرآنًا وحديثًا وآراء فقهية بجهالة. وبذلك يتفاخرون

أنا لا أتورعُ من البوح بما في وجداني من نقد بحق أي جهة اعتبارية سواء أكانت سياسية أو اجتماعية أو دينية، معاصرة كانت أو هي في ذمة التاريخ، وهذا شأن العقل الذي كل يوم هو في شأن، وأنا استخدم النصوص الدينية لتجميل الحديث وتقريب الفكرة في أعلى أسقفها وتدبيج المقال بإشارات تتحرك ضمن دواخل النص، ولستُ ممن يتعمد الهزو أو الإساءة، وأتجنب الهذر.

يكثر بين أوساط شيعة العراق انتقاصهم من أنفسهم وعقولهم إن جرى الحديث عن الدين، فهم يقولون أن عقولهم لا تُدرك القرآن وأحاديث الأئمة والفقهاء، ويعللون ذلك بالجهل، أي إنهم يتعاملون مع النص الديني قرآنًا وحديثًا ومرويات وآراء فقهية بجهالة وبذلك يتفاخرون. وكم من سائلٍ شيعي يتوجه لك أن وجدك تتحدث في نص وحديث ورأي ديني متسائلاً: هل تفهم هذا؟ أو: وهل بإمكانك فهم هذا؟ وسيكون السؤال مغلفًا بحنق، فالأغلبية الشيعية تكره حد البغض أي صوت يتناول الشأن الديني بالتحليل أو النقد. فالله ورسوله والأئمة والفقهاء وأهل المنابر وقادة المليشيات ومجرمو الطائفة ذواتٌ فوق النقد ولا يجوز لأحد تناولها إلا بالتقديس، وبتقديس المفرط. فالفرد الشيعي يتفاخر بكونه حمار قِبال سيده ولهذا توجد فرقة من شيعة العراق بإسم "كلاب رقية"، وفرقة أخرى تُسمى "كلاب الحسين"، وفرق لا تُعد ممن تحولوا الى حمير يتعامل معهم الفقهاء بأسلوب "الديخ" فهم فرق "الديخية" والديخ كلمة تُستعمل مع الحمار لتحريكه.

يتوه الشيعي الاثنا عشري بين آلاف المرويات المتناقضة والآراء الحوزوية المتضادة مما يعسر على العوام الفصل فيها وتمييز الصحيح من الخاطئ منها ناهيك عن الامتزاج المتناه الدقة الى درجة نجد حالتين في نفس العنوان، فكيف لبسطاء العقل والتعليم والثقافة التعرّف على الصواب، وماذا نعني بالصواب ونحن نتحدث عن مؤسسة تعتبر الفقه ونزر من العقائد أغلبها غيبية أعلى درجات العلم؟

ليعلم الشيعي البسيط أن مقربين وأصحاب للأئمة اشتبك عليهم الأمر وتورطوا بتيه في شأن نفس الأئمة من ناحية إمامتهم رغم أن بعض اولئك الأصحاب اعتبروا من الحواريين!

هذا زرارة بن أعين، الحواري، بل هو من عليّة الحواريين الذين نالوا هذه المنزلة بشهادة الإمام المعصوم، وأليكم تفصيل في مكانة زرارة هذا. يأتي الشيخ ياسر الحبيب على ذِكر زرارة فيقول "ولكن ما نضج ذلك النضوج الروحي والعقائدي والفكري إلا في سنواته الأخيرة"(1)، رغم أن زرارة كان لصيقًا بالأئمة قبل نضوجه، وأنا أتحدث متقمصًا الذهنية الشيعية، وتُعظّم الروايات زرارة ناقلة تقييم الأئمة له فترفعه الى مقام رفيع وكأنه بضعة من العصمة:

"قال الإمام الصادق عليه السلام: أوتاد الأرض، وأعلام الدين أربعة: محمّد بن مسلم، وبُريد بن معاوية، وليث بن البختري المرادي، وزرارة بن أعين.

قال الإمام الصادق عليه السلام: ما أجد أحداً أحيا ذكرنا وأحاديث أبي إلا زرارة، وأبو بصير المرادي، ومحمد بن مسلم، وبُريد بن معاوية، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هدى، هؤلاء حفّاظ الدين، وأُمناء أبي على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا وفي الآخرة".

وزيادة على ذلك:

"قال الإمام الكاظم (ع): إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمد بن عبدالله رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر... ثمّ ينادي المنادي: أين حواري محمد بن علي وحواري جعفر بن محمّد؟ فيقوم عبد الله بن شريك العامري وزرارة بن أعين وبريد بن معاوية العجلي ومحمد بن مسلم وأبو بصير وعبد الله بن أبي يعفور وعامر بن عبد الله بن جذاعة، وحجر بن زائدة وحمران بن أعين، ثم ينادى سائر الشيعة مع سائر الأئمة عليهم السلام".

انظر عزيزي القارئ الشيعي اللبيب الى فخامة التقييم الذي صدر من أئمتك بحق الحواري زرارة بن أعين وأسمه الأصلي عبد ربه بن أعْين بن سُنسُن الشَيباني الكوفي، وأن مثل هكذا تقييم يوضح مكانة ودور وتشيع زرارة ودرجة علمه ومعرفته وفقاهته وهو اللصيق بالمعصومين الباقر والصادق، ورغم ما لزرارة من توفيق في الدليل وحسن تسديد إلهي واستعداد لتلقي العلم والفهم إلا أنه ما نضج إلا في سنواته الأخير! فكيف بالشيعي البسيط البعيد عن الكتب والدراسة والعلم والفقه وبحوث العقيدة والفقهاء اضف أنه بعيد عن الأئمة بفاصلٍ من قرون؟

هذا زرارة بما له من علم وقرب ودراية في الأئمة وشهاداتهم فيه جليلة إلا انه شك بإمامة موسى الكاظم. يقول الإمام موسى بن جعفر "إن زرارة شك في إمامتي فاستوهبته من ربي تعالى". وبودي أن يطّلع القارئ على مقطع يوتيوب بهذا الخصوص ويتمعن بالحديث من الدقيقة السادسة عشرة وما بعدها للتعرف على قوة الروايات الواردة بهذا الخصوص.(2)

-------------------------

(1) مقطع يوتيوب بعنوان: نبذة عن زرارة بن أعين - الشيخ ياسر الحبيب.

(2) مقطع يوتيوب بعنوان: زرارة بن أعين لم يعرف امامه بعد الامام جعفر الصادق - السيد كمال الحيدري.

"أؤكد - أنا كاتب المقال - على مشاهدة هذا المقطع ومن الدقيقة السادسة عشرة وما بعدها لضرورة الاطلاع على ورطة الشيعة البسطاء وهم الأغلبية الساحقة من خلال حالات زرارة وكيف أنه لم يتيقن بإمامة من جاء بعد الإمام جعفر الصادق، فهو لم يتيقن من كون موسى الكاظم وريث إمامة أبيه جعفر الصادق ولهذا أرسل ولده عبيد ليتأكد ولما ألم به مرض الموت وتأخر عليه ولده وضع زرارة القرآن فوق رأسه.. وإليكم الرواية: بعث زرارة عبيدا ابنه يسأل عن خبر أبي الحسن عليه السلام فجائه الموت قبل رجوع عبيد إليه فأخذ المصحف فأعلاه فوق رأسه، وقال: ان الإمام بعد جعفر بن محمد من أسمه بين الدفتين في جملة القرآن منصوص عليه من الذين أوجب الله طاعتهم على خلقه، أنا مؤمن به".