لنستكشف المقاومة استكشافا أخلاقيا

نقارن بين ردة فعل حسن نصرالله على مقتل سليماني وتفجير بيروت، او الاحتفاء بمقتل أبو مهدي المهندس واستشهاد البسطاء من الحشد الشعبي لنفهم طبقية المقاومة وانتقائيتها بين الموضوعية والعقائدية.
قائمة الأعداء مقررة، ومهمة المقاوم محددة
المقاومة تعتبر كل من لا يعتقد بعقيدتها عدوا لله ورسوله وآل بيته
الطابع العشائري المُغرَم بالتسلح عامل يجذب الجنوبيين للإنخراط في الميليشيات

"أن المُلك يدوم مع الكفر ولا يدوم مع الظلم"

النبي محمد

خلف ظهر المقاوم تحتمي نصوص مُقدسة وأسماء مقدسة وأضرحة مقدسة وطائفة يُذاد عنها لئلا تفنى أو تُخترق دينيًا أو فكريًا، وبقبضة المقاوم المُمسكة بالسلاح يُمنع "الآخرون" أو "المُغايرون" من النيل من طائفة الله، المتمسكة بالعروة الوثقى، والقابضة على الجمر، والمُمَنهَجة بمنهاج العصمة، والموالية للدر المُصفّى، وباقي العالمين من تراب رخيص.

التوصيف السالف هو عقيدة المُقاوم والتي تشربت بتكوينه الإيماني واستقرت في قعر ذهنيته الدينية، وهي عقيدة مُشتقة من صيحة إعلانية تُنسب للنبي وصف فيها خروج علي بن ابي طالب الى عمرو بن ود العامري في موقعة الخندق (برز الإيمان كله للكفر كله). فتقرير النبي أن الموقعة أفرزت وبشكل جلي خندقين من التحزب، فحزب لله، وحزب للشيطان، وأن هذا الفرز القاطع المتنافر باقٍ الى اليوم المعلوم. ولما حان عصر المقاومة تجدد الفرز على حافتي الخندق الفاصل. فمقاومة الله، وكل الآخرين حزب للشيطان، فهل يتداخل علي بعمرو، أم هل يختلط النبي بمشركي قريش، أو هل تنصهر العصمة الطاهرة المُطهرة بالشرك والكفر النجس، وكيف لحزب الله المقاوم المُقدس التسالم مع حزب الشيطان الدنِس؟ فالمقاومة طُهر خالص قِبال العدو النجس الدنِس، ولا سبيل آخر لتحقيق مشيئة الله غير محق وسحق مشيئة الشيطان وآله، وليس غير القتال والقتل والدم والشهادة من طريق "إنا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله. قلنا صدق الله وقالوا كذب الله. قاتل أبو سفيان رسول الله صلى الله عليه وآله وقاتل معاوية بن أبي سفيان علياً بن أبي طالب عليه السلام وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي عليه السلام والسفياني يقاتل القائم عليه السلام." (الإمام الصادق، معاني الأخبار/ 346).

ذلكم هو وصف وحقيقة المقاومة، وغاية وجودها، وخلاصة عقيدتها، والبداية والوسط والخاتمة لحركتها. فالمقاومة كوجود هو نفسه وجود البندقية والحرب، وبإخماد الحرب ستُخمَد المقاومة، فلا وجود للمقاومة بدون وجود الحرب، فحركة المقاومة مرتبط عضويًا وعقائديًا بحركة الحرب، وحينما يختفي العدو ستتلاشى المقاومة عضويًا وعقائديًا.

إذن؛ هل من أدوار أخرى على عاتق المقاومة وجب عليها اداؤها؟

وماذا تؤدي المقاومة من أدوار غير المقاومة، حتى أن العنوان يدل على أساس المشروع وحركته وعمله، فهي ليست حركة دعوية أو تبشيرية أو منبرية أو حوزوية أو إجتهادية أو حزبية أو فرقة كلامية أو إسلام سياسي، وليست أي شيء غير انها "مقاومة" وتعني مجموعة تحمل السلاح داخلة في حرب مسلحة مع أعداء، وأعداء المقاومة المتصادمين معها جزء من كل. فالمقاومة تعتبر كل من لا يعتقد بعقيدتها عدو، وهو بالتالي عدو لله ورسوله وآله بيته والخلف المهدي، فليس من مهادنة وسِلم ومجاملة ودبلوماسية مع العالم، كل العالم، ولابد كفرض واجب ارضاخ العالم، كل العالم لمشيئة الله المُتجسِدة بنائب الإمام المهدي والمحمية بسلاح المقاومة، وإلا فالحرب تظل مستعرة الى يوم الظهور "اَللّهُمَّ بَلِّغْ مَوْلانَا الاْمامَ الْهادِيَ الْمَهْدِيَّ الْقائِمَ بِاَمْرِكَ،.......، اَللّهُمَّ اجْعَلْني مِنْ اَنْصارِهِ واَعْوانِهِ والذّابّينَ عَنْهُ والْمُسارِعينَ اِلَيْهِ في قَضاءِ حَوائِجِهِ، والْمُمْتَثِلينَ لاِوامِرِهِ والُمحامينَ عَنْهُ، والسّابِقينَ اِلى اِرادَتِهِ والْمُسْتَشْهَدينَ بَيْنَ يَدَيْهِ.

اَللّهُمَّ اِنْ حالَ بَيْني وبَيْنَهُ الْمَوْتُ الَّذي جَعَلْتَهُ عَلى عِبادِكَ حَتْماً مَقْضِيّاً فَاَخْرِجْني مِنْ قَبْري مُؤْتَزِراً كَفَنى شاهِراً سَيْفي مُجَرِّداً قَناتي مُلَبِّياً دَعْوَةَ الدّاعي فِي الْحاضِرِ والْبادي" (من دعاء العهد).

لا يكترث المُقاوم للعمل الخيري، ولا يسعى لتخليص الناس (حتى الشيعة) من ظلم سياسي، ولا يتحرك ليقاوم سياسة إفقار وتجويع، أو قمع وإضرار تمارسه السلطة، فقائمة الأعداء مُقررَة، ومهمة المُقاوم مُحددة، ولا قيمة في معايير توجهه المقاوماتي لنفسٍ تُظلَّم، أو مواطن تُسلب حقوقه، أو أرملة يُغبن حقُها، أو يتيم لا تهتم له الدولة، أو مجتمع يُنهَب، فالمقاومة حددت للمُقاوم أعداء الدين وما عليه إلا توجيه فوهة بندقيته نحوهم، وما عليه إلا الدفاع عن الشيعة، وليس الشيعة!

واجب المقاومة الديني الإشتباك مع الأعداء الذين ذُكِروا في قائمة الأعداء، ولا تكليف شرعيا أو واجب دينيا على المقاومة في تخليص الناس من ظالم متسلط أو فساد حكومي أو حماية مظلوم من المواطنين، وهذا لُب الخلل في حركات المقاومة والحركات الثورية، بل هو خلل في بُنية العقائديين، إذ أن وعود تحقيق العدالة واسترداد المسلوب من الحقوق وتحسين حال الفقراء وحماية ورعاية المظلومين وكل وعود وشعارات العدالة والحقوق والخير مجرد لافتات ستُنزَل وتطوى عند تدشين مشروع الثورة أو المقاومة والشروع بتطبيقه، فالثائر والمُقاوم يحمل عقيدة "الثورة الدائمة - المقاومة الدائمة" وهي ديمومة التصادم.

عن كثبٍ؛ سأنقل لكم التالي:

أنا ولكوني من شيعة العراق وأنحدر جنوبًا عائلًة وولادًة أفهم أهل هذه الملة، وكما قالوا قديمًا: أهل مكة أعلم بشعابها. وأنا أفهم شِعاب نفوس شيعة الجنوب.

الطابع العشائري المُغرَم بالتسلح ومعارك القرى عامل يجذب الجنوبيين للإنخراط في الفصائل المسلحة وكما عبّر عن ذلك أحد الجنود وهو في نشوةٍ وأسارير منتشية: "انه شيء رائع أن أقتَل ولا أدفع دية". وطبعًا أنا حوّلت المقولة للفصحى ليتسنى لكل قارئ من غير العراقيين فهمها، وعلى اليوتيوب يوجد المقطع الذي يتحدث فيه الجندي بما نقلته بين مزدوجين. وهكذا لبّت الفصائل المسلحة رغبة جامحة للشيعة الجنوبيين، وكذلك لبّت رغبة لا تقل جموحًا لديهم فهي زودتهم بهيبة وتفاخر بين أناسهم. ومن طِباع المجتمع القبلي التفاخر، بل الغلو بالتفاخر. ولا أقلل من عامل التقديس للعمامة فهو في محور الدوافع والجذب.

إذن، فالسلاح والعشائرية والعمامة كونت مجتمع المقاومة المُستل من مجتمع العشيرة، وبالتالي، فهو ليس تجمعًا اصلاحيًا، أو يسعى لتحقيق عدالة، أو ثورة جياع، أو حِراكا طبقيا، أو حركة مطالبات اجتماعية، أو نزوعا فلسفيا أو علميا، أو جهاز دولة مُسلح بعقيدة قتالية ( الحرس الجمهوري الخاص وفدائيو صدام وجهاز مكافحة الارهاب والبيشمركة، وحشد فتوى السيد السيستاني الى حد ما). فأوجه المقاومة التي أعنيها هي الفصائل الشيعية العراقية الموالية للولي الفقيه، والحوثيين، وحزب الله. وهذه الأوجه الثلاثة هي الأبرز، إذ تلكأت الحركات الشيعية في البحرين ومصر والسعودية ببلوغ مستوى المقاومة. واما ايران فهي دولة مقاوِمة وليست حركة أو فصيلا مُقاوما، وأعتقد أن التوضيح جيد.

يبدو، وبشكل واضح أن مصطلح "مقاومة" ورد في جوانب علمية للكهرباء والفيزياء والكيمياء وحتى الطب. ولكن المصطلح بمفهومه السياسي أستُعمِل للدلالة على فعل "ممانعة" وبالتحديد هي فعل ممانعة لأجل صد قوى مفروضة من الخارج. فالمقاومة أو الممانعة هي عدم الرضوخ لقوة خارجية تريد فرض أرادتها، ولكن المصطلحات والمفاهيم تتطور وتتشعب، وقد تتعقد. فالمقاوم ومن وجهة نظر اجتماعية هو من جسد المجتمع الذي صدر منه ويدافع عنه. فالمقاوم العراقي من المجتمع العراقي، والمقاوم الشيعي العراقي من جسد المجتمع الشيعي العراقي، ومن أوجه تطور المقاومة أن جيفارا لم يكن مقتصرًا في عمله كمقاوم على مساحة بلده، والمقاومة الصدرية بمسمى جيش المهدي اشتركت مع السلفية ورئيسها مهدي الصميدعي في مقاومة الوجود الأميركي العسكري في العراق. أما تعقيدات شكل المقاومة فمنها أن المقاومة تتحول لقوة تريد ارضاخ المجتمع الذي تنتمي له، فالمقاومة قد تتحول لقوة عقائدية تفرض ما تعتقد به على مجتمعها، أو تتحول لقوة فساد ونهب أموال، أو تتحول لقوة تتمايز عن مجتمعها بخطابها وحركتها ولباسها وتوجهها حتى لتبدو منفصلة عنه، أو تولي وجهها لجهة خارجية، ولكن؛ هل من قوة مقاومة تحولت الى قوة خيّرة في مجتمعها؟

يبدو أن اخلاقيات "السِلْم" لا تُمثل مشروعًا أو تطورًا أو تحولًا لاحق للمقاومة، وهذا ما نكتشفه جليًا أن أجرينا مقارنّة بين المقاومة التي نعرفها اليوم والمُقاوِم السيد موسى الصدر، فبحسب شهادة للكويتي عبدالله النفيسي انشأ الصدر مؤسسات وجمعيات وورش مهنية لخدمة وتعليم عامة الناس من الجنسين، وقطعَ يد الاقطاع في لبنان وحجّمَ سطوة عوائل اقطاعية. وبفضل تلك الورش المهنية تعلم الفقراء مهن تدر عليهم الأموال فانتقلوا من حال الى حال إذ انتزعهم موسى الصدر من اوضاعهم البائسة الى رحابة العيش الجيد. وهذه مقاومة، بل أن المقاومة المسلحة لن تبلغ النصر ما لم تبلغ الإنجاز الاجتماعي، أي أن القتال وحده لن يفلح. ولكن الأمر يتوقف على الأبوة المؤوسِسة، فالأب المؤوسِس أما يخلق نفوس اتباعه بيده، أو بصوته، وما فعله موسى الصدر أنه خلق نفوسًا بيده. ولكن موسى الصدر لم تدم ابوته بعد اختفائه وتحولت اضواء الأبوة، بل وحتى التقديس صوب وجه السيد الخميني. إنها فلسفة الأبوة المؤوسِسة والتي ستوجه الجماعة لاحقًا من وحي المبدأ.

لا مهرب لي من الالتفات لسؤال سيُطرح حتمًا، وهو: ما الفرق بين المُقاوِم موسى الصدر والمُقاوِم الخميني؟

أن المقاوم العقائدي طوباوي بالغالب يرنو الى يوتيوبيا تتحقق على يد من يفوقه علمًا وقدسية سيأتي في مستقبل بلا تحديد للوقت. والمقاوم الموضوعي وهو عكس الذي يرنو ليوتيوبيا ستتحقق في المستقبل؛ ينظر في مواضيع الناس وواقعهم ويسعى لتغييرها. وهناك فارق جوهري بين من ينظر الى، ومن ينظر في. وعليه؛ فأن هناك فارقا تأسيسيا بين موسى الصدر وروح الله الخميني. فالسيد الخميني أسس دولة ايران الاسلامية كمضطرٍ عليه أن يؤسس المراحل العابرة لبلوغ لحظة مناصرة الإمام المهدي وكل ما في الطريق لبلوغ تلك اللحظة لا قيمة ذاتية له. فدولة الإمام المهدي هي الغاية والطريق اليها هو طريق الثورة والمقاومة المسلحة والتضحية والاستشهاد والصبر. بينما أسس موسى الصدر لحظات بذاتها تخدم لحظات الناس ومعاشاتهم، وللقرآن رؤية يسردها نصًا روائيًا عن المقاومة التي هي على شاكلة المُقاوِم موسى الصدر (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ / سورة يس، 47). هذه الآية تتعلق بأوضح رسالة للمقاومة، ووضوحها صارخ مدوٍ. فالذين آمنوا يدعون للإنفاق والإطعام وهي دعوة - مقاومة بوجه البخلاء الذي أشار لهم القرآن (الَّذِينَ كَفَرُوا) ويبدوا أن الذين وصفهم القرآن بالكفر كانوا رعاة نظام أضر بالناس وجعلهم طبقات وأفقرهم فظهرت مقاومة من المؤمنين طالبت النظام بالإنفاق وتحسين ارزاق الناس، بل أن النظام الظالم، غير العادل، استفسر عن وعدٍ قال به المؤمنون المقاومون يُنبئ بأنهيار النظام اذا ما استمر في الظلم (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ / سورة يس، 48). وبجمع الآيتين نكتشف أن مقاومة الإفقار وتخريب المعاشات حركة عظيمة يخوضها المؤمنون مؤيدين من الله وبه سينتصرون (مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ / الآيات 49 و50 من سورة يس) واعتقد أن تسلسل الآيات يوضح حركة مقاومة واضحة الرسالة والمدى.

في الآيات آنفة الذكر تبيّن أن المقاومة لا تتفق مع الظلم الذي تمارسه السلطة، ولا مع فساد النظام، ولا مع المفسدين، وتتخذ موقفًا معارضًا لا مداهنة فيه ولا مساومة هو امتداد لموقف السماء. فالله لم يقاوم ابليس بالسلاح، وقد طرد آدم خيرة خلقه من نعيم الجنة لمجرد توافق بسيط وأكلة واحدة توافقية، وكأن الله ومن اول يوم الخليقة قرر أن لا التقاء بين مقاومة وفساد في نفس المساحة لأن المقاومة بالأساس تتحرك ضد نظام الفساد ولانتشال المنكوبين في نظام الفساد ممن تمكن نظام الفساد من التغلب عليهم معاشيًا وطبقيًا. ولكننا نرى أن المقاومة اليوم تعني أولًا واخيرًا حمل السلاح وإطلاق شعار مقارعة العدو، والمقارعة لا تتجاوز الاشتباك المسلح، أما تلك الفلسفة الإلهية للمقاومة وكما هو موضح في الآيات من سورة يس فقد أهملت وصارت في خبر كان.

تعالوا لنستعرض مقارنة بين ردة فعلين للسيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله المُقاوِم. ردة الفعل الاولى كانت حول مقتل قاسم سليماني قائد جيش القدس، والثانية حول تفجير مرفأ بيروت. فالسيد نصرالله أتى بردة فعل لمقتل سليماني تختلف تمامًا عن تلك التي أتت لتفجير مرفأ بيروت. فمقتل سليماني أبكاه الى حد النحيب وأغضبه الى درجة الإستشاطة، بينما كان هادئًا وفي حالة ارتياح وهو يتحدث عن تفجير المرفأ، وردة الفعلين تُظهران ما أقصده من التفريق بين المُقاومة العقائدية والمُقاومة الموضوعية.

صحيح أن المقاوم العقائدي موجود في الزمكان ولكن ذهنه وعاطفته مجذوبة وبقوة الى خارج الواقع المُعاش. وكذلك؛ تنهار فضيلة المقاوم العقائدي في علاقته ومسؤوليته تجاه الإنسان الملموس ويترفّع عن الخوض في احتياجاته ومظلوميته، فهو يعتقد وبقوة أن استرجاع الحقوق يكون للرموز المقدسة التاريخية وهم النبي محمد، والوصي علي الذي أغتُصِبَ الخلافة، وفاطمة وبنيها، وليس من تكليفه أن يسترجع حقوق اشخاص يتضورون جوعًا وفاقة وتهميشًا بسبب نظام ظالم فاسد، بل قد يدخل في وفاق مع النظام الظالم الفاسد بدعوى التقية.

للتأكد مما اقول لتنظروا لعوائل شهداء الحشد الشعبي، وفقراء الشيعة، والأحياء الشيعية الكثيرة البائسة الخالية من جودة التعليم والطب، إذ حتى من بذل دمه من مقاتلي الحشد الشعبي لم ينل ما ناله القائد ابو مهدي المهندس، فالطبقية موجودة في جسد هذا الحشد المُقاوِم (المُقدس) ولكم أن تتأملوا ذهنية المُقاوِم القيادي العقائدي الشيعي.

نحن نُفرّق في هذا المقال بين المُقاوِم العقائدي والآخر الموضوعي، ونستبعد المُقاوِم الماكر الذي سلك طريق المقاومة لمصالح شخصية ونزعة لا علاقة لها بالدافع العقائدي، ورغم أن الكتابة في هذا الشأن لا تخلو من صعوبة وتعقيد إلا أن البدايات تُمهد لمتواليات.