هل يحتاج العالم علميًا للولي الفقيه.. الليبرالية العلمية (12)‎‎

دول مثل إيران والعراق لم تبلغ بعد مرحلة العقد الإجتماعي إذ يخضع حامل الجنسية فيها الى سلطة دولة مقدسة تنوب عن دولة سوف تهبط من السماء في توقيت مستقبلي غير مُحدد.

في القرن التاسع عشر، بعد ما تحققت العلمانية والعقد الاجتماعي والتنوير أصبحت سلطة الفرد فوق سلطة المجتمع وهذه هي الليبرالية.

الديمقراطية مكونة من أربعة مكونات:

العلمانية "القرن السادس عشر"

العقد الإجتماعي "القرن السابع عشر"

التنوير "القرن الثامن عشر"

الليبرالية "القرن التاسع عشر"

وقد استغرقت أربعة قرون، وفي القرن العشرين ظهرت الثورة العلمية والتكنولوجية، اذن؛ انظر الى النتيجة الخطيرة: الثورة العلمية والتكنولوجية هي ثمرة رباعية الديمقراطية، فإن لم تتوفر رباعية الديمقراطية فلن تتحقق الثورة العلمية والتكنولوجية.

مراد وهبة

.................

العقد الاجتماعي

إن العقد الاجتماعي عند روسو ليس عقداً بين أفراد، كما عند هوبز، ولا عقداً بين الأفراد والسلطات، كما عند لوك، فبموجب هذا العقد، كما يرى روسو، فأن كل واحد يتحد مع الكل فالعقد هو بين المجموعة بحيث يضع كل واحد شخصه وقدرته في الشراكة تحت سلطات الإرادة العامة، وسيكون كل شريك متحداً مع الكل ولا يتحد مع أي شخص بشكل خاص(1).

المجال العام

بين العقد الاجتماعي، والإنتماء الإستباقي الى مملكة الله، بون شاسع يفصل بين مراعاة التواجد الحقوقي للمواطن في الدولة، والإخلاص الى دولة لم تهبط من السماء بعد، فالمتعاقد بعقد المواطنة حاله يختلف عن حال المتعاقد بعقد المُستعبَد لسلطة دينية ورقتها التعاقدية تُنسَب الى السماء، وبتوصيف أكثر واقعية ووضوح: الواقع غير الإفتراض. ففي الواقع يتنازل الفرد عن بعض "إطلاق يده" لينعم بعضوية في تجمّع تنازل فيه أفراد آخرون عن بعض "إطلاق يده" لصالح قانون عام عادل يحكمهم ويُنظِّم العلاقة بينهم في تنظيم هو الدولة، وأنا اقول "إطلاق يده" ولا أقول "حريته" لأنني أعتبر الفرد ما قبل المجتمع والدولة مُطلَق اليد في قانون الغابة الطبيعي، وهو آنذاك لا يعرف المسؤولية المتحضرة والقانون المصنوع، فهو حينها لم ينعتق من البدائية، وأعتقد أن التعريف: لم ينعتق من البدائية. يفي بالغرض للتفريق بين الحرية وإطلاق اليد.

لن نخوض في تاريخ المصطلح وسياقات تبلوره وتطوره، كل ما يعنينا هنا النظر الى آخر أشكال ومميزات العقد الاجتماعي، ومن المنظور أن العقد الإجتماعي وصل درجة من النضوج في بعض الدول المتقدمة جعلها انموذجًا عالمي لكيفية علاقة المواطن والمجتمع بالحكومة والدولة، فقد تحول العقد الاجتماعي الى مجموعة حقوق وواجبات مواطنية اضافة لامتيازات يحصل عليها المواطن تُميزه عن مواطني عشرات الدول الدكتاتورية والدينية والفاسدة. وبمجرد أن نُقارن بين وضع مواطن سويدي في دولته ووضع مواطن عراقي في دولته، أو بين وضع مواطن سويسري في دولته ووضع مواطن إيراني في دولته؛ نُميز بسهولة وضع المواطن صاحب الإمتيازات المضافة للحقوق ووضع المواطن الأقل حقوقًا ومعدوم الإمتيازات، بل أن دول مثل إيران والعراق (الإقليم الشيعي حصرًا) لم تبلغ بعد مرحلة العقد الإجتماعي إذ يخضع حامل الجنسية فيها الى سلطة دولة مقدسة تنوب عن دولة سوف تهبط من السماء في توقيت مستقبلي غير مُحدد، والدولة المقدسة يحكمها رجل مقدس ينوب عن رجل مقدس متوارٍ في غيب الله، وبينما اجتاز مواطنو دول غربية مرحلة العقد الاجتماعي الى مرحلة الحقوق والامتيازات ما زال مواطنو دول ايران والعراق وسوريا ولبنان لم يبلغوا مرحلة العقد الإجتماعي، وهذا ما اسميناه بالبون الشاسع الذي يفصل بين واقع مواطني نوعين من الدول.

المجال الشخصي

يقول سادغورو "أنّه كلّما اعتقدتَ بكونك صالحًا، كلما لم يعد أيّ شخص آخر جيدًا بالنسبة لك، لأن كونك إنسانًا صالحًا هو فقط بالمقارنة مع الآخرين".

هذا ما قرأته على صفحة فيسبوك sadhguru Arabic

تمعنت في قول سادغورو ذلك المتأمِل الهندي ومدرب اليوغا والمتحدِث بالروحانية، واتخذت سبيلي لتصنيع مقارنة منطلقًا من مقولة الحكيم الهندي، فجاد ذهني بالتالي:

من يرى صلاحًا دينيًا في نفسه فهو ينظر الى غيره ممن لا يعتني أو يعترف بدينه إنسانًا طالحًا في الدين، ومن يرى في نفسه صلاحًا عشائريًا ينظر الى غيره ممن لا يعتني أو يعترف بالنزعة والسيادة العشائرية إنسانًا طالحًا من المنظور العشائري، ومن يرى في نفسه مواطنًا صالحًا ينظر إلى غيره ممن لا يعتني بالمواطنة مواطنًا طالحًا، وبعد هذه المقارنات الثلاث اطرح السؤال التالي: أي النوازع الثلاث نافع لمجتمع الدولة والفعال في انضاجه والارتقاء به؟

اشارات

(1) العقد الاجتماعي: الأسس النظرية وأبرز المنظّرين. الباحث مكي عبد مجيد. موقع نت؛ جامعة أهل البيت. abu.edu.iq